من المنامة-البحرين اليوم
تتعمق يوما بعد آخر أوضاع الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها البحرين منذ إندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير في العام 2011. إذ أدى قمع السلطات للحراك الشعبي المطالب بالتغيير الديمقراطي، واحتلال قوات سعودية وإماراتية للبلاد (أدى) إلى زعزعة ثقة المستثمرين باقتصاد البحرين بحسب مختصّين.
ومن الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة الإقتصادية هو زيادة الإنفاق العسكري والأمني وتراجع أسعار النفط العالمية، إضافة إلى الفساد المستشري في البلاد التي يهيمن عائلة آل خليفة الحاكمة على مواردها الإقتصادية.
وفي أحدث مؤشر على تدهور الوضع الإقتصادي أعلن مصرف البحرين المركزي يوم أمس الأحد (7 مايو 2017) تراجع احتياطيات العملة الأجنبية في البحرين بنسبة 11 في المئة في شهر فبراير الماضي. وهو ما أثار موجة من التكهنات بأن البحرين ستلجأ لوقف هذا التدهور عبر سوق السندات الدولية أو تسعى إلى الحصول على دعم مالي من دول خليجية أخرى.
وانخفض صافي الأصول الأجنبية إلى 645.2 مليون دينار (1.7 مليار دولار) من 725.9 مليون دينار في يناير، وفقا لبيانات المصرف المركزي. وبذلك تصل نسبة الإنخفاض إلى 71٪ من ذروة بلغت 2،24 مليار دينار في شهر نوفمبر 2014.
وتعليقا على ذلك قالت كارلا سليم، وهي خبيرة اقتصادية في مؤسسة “ستاندرد تشارترد” بدبي “من المتوقع أن تستفيد البحرين من الأسواق الدولية أو تتلقى الدعم من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى”، مضيفة “من المحتمل بقاء الإحتياطات النقدية تحت الضغط هذا العام”.
وجاءت هذه البيانات بعد مرور شهر تقريبا من توجيه صندوق النقد الدولي لتحذير بحاجة البحرين إلى إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق لإعادة الاستقرار إلى ميزانيتها وتحسين ثقة المستثمرين. وتأتي هذه التحذيرات بالرغم من توقعات المستثمرين بتقديم السعودية المساعدات إذا لزم الأمر، وبالرغم كذلك من حصول البحرين على مبلغ 600 مليون دولار خلال شهر فبراير الماضي من سوق السندات الدولية.
وفي هذا السياق قال حسنين مالك، رئيس قسم أبحاث الأسهم العالمية في “إكسوتيكس”: “ليس هناك شك في أن السعودية مستعدة لتقديم الدعم للبحرين”. وأضاف أن إجبار البحرين على التخلي عن مستويات الصرف سوف يثير تساؤلات حول تلك الموجودة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.
ويأتي هذه التدهور بعد أن زادت سلطات البحرين من الإنفاق العسكري والأمني منذ إندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير والذي بات يشكل أكثر من نسبة 30% من الموازنة السنوية. ويرى بحرانيون كذلك أن تصاعد وتيرة التجنيس السياسي وتوفير مساكن ووظائف وخدمات صحية وتعليمية للمجنسين أرهق موازنة الدولة خلال العقد الأخير المنصرمة.
وأدى هبوط أسعار النفط، إلى ارتفاع العجز في الموازنة، ليصل إلى ما يقرب من 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي. وقدّر صندوق النقد الدولي أن البحرين بحاجة لسعر للنفط يتجاوز 100 دولار للبرميل الواحد لتجاوز العجز في موازنتها.
ورجّح الخبير الإقتصادي اللبناني “مايكل صليبا” أن تطالب دول مجلس التعاون ؛ البحرين بتحقيق إصلاحات اكبر مشيرا إلى أن البحرين لازالت بلا موازنة لهذا العام والذي يليه. وأوضح صليبا أن البحرين ستعود إلى أسواق القروض الدولية بعد تمرير الموازنة.
وكان صندوق النقد الدولي أوضح في شهر أبريل الماضي أن إنخفاض أسعار النفط تسبب في عجز الموازنة والدين العام في عام 2016 ليصل إلى 18 في المائة و 82 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي. واقترح الصندوق على البحرين جملة من الإجراءات المالية ومن بينها فرض ضريبة القيمة المضافة وزيادة ترشيد الانفاق على الدعم الحكومي.
ومن جانبه قال كون تشاو، وهو خبير إستراتيجي في مؤسسة ” UBP ” في لندن “هناك سبب وجيه لدعم البحرين” وهو أن الضغط الذي يجبر البلاد على تغيير سياسة سعر الصرف ستكون له مخاطر عدوى كبيرة ليس فقط بالنسبة للمملكة العربية السعودية ولكن بالنسبة لبقية دول المنطقة”. مذكّرا بالدعم الأوروبي لليونان.
لكن هؤلاء الخبراء الإقتصاديين – وبحسب معلقين بحرانيين – يغفلون عن ذكر أهم العوامل التي أدت إلى تفاقم الأزمة الإقتصادية في البلاد ألا وهي الأزمة السياسية المتدهورة التي تعيشها البلاد والتي تتعمّق يوما بعد آخر، وبما ينذر بانفجار الأوضاع ليس في البحرين فقط بل في المنطقة أجمعها.