تقرير اقتصادي: البحرين تستعد لتنفيذ إجراءات تقشف حذرة وسط غضب شعبي محتمل
البحرين اليوم – (روتيرز، خاص)
أوضح تقرير اقتصادي لوكالة رويترز يوم الخميس 29 نوفمبر 2018م بأنه من المتوقع أن يوافق البرلمان الجديد في البحرين سريعا على إجراءات تقشف حساسة تحتاجها البلاد لضمان الحصول على حزمة مساعدات خليجية، لكن الحكومة الخليفية في البحرين قد تنفذ هذه الإجراءات على مراحل لتفادي إثارة غضب شعبي.
وتضيق السلطات الخناق على المعارضة منذ قمع انتفاضة شيعية في البلاد عام 2011 بمساعدة الرياض، التي تخشى من أن يشجع عدم الاستقرار في البحرين اضطرابات بين الأقلية الشيعية في السعودية.
لكن البحرين، وهي حجر زاوية في القوة العسكرية الأمريكية في المنطقة، ربما تواجه اختبارا جديدا لقدرتها على منع احتجاجات للمعارضة وهي تنفذ إصلاحات في الدعم والمعاشات يطلبها مانحون عرب خليجيون لتفادي حدوث أزمة دين.
وقال محللون إنه من المتوقع أن تجري السلطات التغييرات على مراحل لتفادي احتجاجات من قوى المعارضة، التي ترى أن البرلمان غير شرعي بعد أن مُنعت من المشاركة في انتخابات الأسبوع الماضي.
وتحتاج البحرين، التي لا تمتلك ثروة نفطية ضخمة مثل جيرانها من دول الخليج، إلى تقليص الإنفاق الحكومي نظرا لتضرر ماليتها العامة جراء هبوط أسعار النفط منذ 2014. وتكافح البلاد لخفض النفقات، وفي الوقت نفسه تفادي حدوث غضب شعبي بسبب الإصلاحات المالية.
وقال جمال فخرو نائب رئيس مجلس الشورى ”سيظل الاقتصاد المشكلة الكبرى أمام مجلس النواب الجديد.
”يجب أن يدرك البرلمان الجديد أن هناك بعض الموضوعات لا تحتمل التأخير، نظرا لأن أي تأخير لن يكون في مصلحة البحرين“.
وعرضت السعودية، الداعم الرئيسي للبحرين بجانب دولة الإمارات والكويت، على المنامة حزمة مساعدات بقيمة عشرة مليارات دولار، على مدى خمس سنوات حتى 2022 لإنقاذ الحكومة، إذا مضت قدما في إصلاحات مالية لتحقيق تعادل الميزانية.
ومن المرجح أن تواجه الإجراءات التقشفية مقاومة من الشيعة البحرانيين، الذين يقولون إنهم محرومون بالفعل من الوظائف والخدمات الحكومية وإنهم يُعامَلون كمواطنين من الدرجة الثانية في البلد البالغ تعداد سكانه 1.5 مليون نسمة، والذي به مقر الأسطول الخامس الأمريكي.
وتنفي السلطات أي تمييز، وتتهم إيران بإثارة اضطرابات شهدت اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن، التي تعرضت لهجمات بقنابل. وتنفي طهران هذه التهم.
ووصف نشطاء الانتخابات بأنها ”مسرحية هزلية“ بعدما حلت السلطات جماعات معارضة رئيسية، ومنعت أعضاءها من المشاركة.
وربما تستغل المعارضة إجراءات التقشف للطعن في شرعية البرلمان الجديد.
وقال علي الأسود، رئيس جمعية الوفاق المعارضة التي حلتها السلطات ويعيش في منفى اختياري في لندن وحُكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة في تهم بالتجسس ينفيها، ”ندرس الدعوة لاحتجاجات وتحريك الشارع ضد التقشف والضرائب الجديدة“.
وكانت الوفاق، أكبر جماعة معارضة في البحرين، تسيطر فيما مضى على نحو نصف مجلس النواب البحريني بحوالي 18 مقعدا في 2010. وقاطعت جماعات المعارضة انتخابات 2014.
* الأوجاع الاقتصادية
قال ألين رانسوم كبير المحللين لدى كونترول ريسكس ميدل إيست إن البحرين ربما تشهد مسيرات ضد ارتفاع تكلفة المعيشة، لكن الاحتجاجات ضد التقشف لن تنتشر على الأرجح، مشيرا إلى أن تخفيضات سابقة في الدعم، وتطبيق ضريبة الإنتاج، والموافقة على ضريبة القيمة المضافة، لم تتسبب في اضطرابات كبيرة.
وقال رانسوم ”ستحاول الحكومة احتواء أي ردود أفعال شعبية عنيفة من خلال تخفيف التأثير على المواطنين البحرينيين، وربما يتضمن ذلك بعض أنواع الدعم والتدرج في تنفيذ إجراءات التقشف“.
ودافع معظم المرشحين في انتخابات الأسبوع الماضي عن الإصلاحات الاقتصادية كضرورة للحفاظ على الاستقرار.
وقال جمال داوود النائب البرلماني على وسائل التواصل الاجتماعي ”ترتبط ضريبة القيمة المضافة بالإرادة السياسية، وهي جزء من التزامنا بقيمنا… وفي مصلحة الجميع“.
ونشرت البحرين خطة مالية من 33 صفحة الشهر الماضي بعدما وقعت اتفاقية المساعدات الخليجية لإصلاح ماليتها ومحو عجز الميزانية بحلول 2022. وتوقعت المنامة عجزا قدره 3.5 مليار دولار في الميزانية في 2018.
والبحرين بصدد تلقي ما يصل إلى ملياري دولار بنهاية العام، كدفعة أولى من حزمة المساعدات، بعدما وافق المشرعون على تطبيق ضريبة القيمة المضافة في 2019.
ولدى برلمان البحرين سلطات محدودة، لكن البرلمان بغرفتيه يقر ميزانية الدولة والسياسة الاقتصادية.
وقالت متحدثة باسم الحكومة لرويترز ”سيشارك البرلمان الجديد في كل خطوة في برنامج التوازن المالي للحكومة“.
وقال علي العرادي نائب رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته إن خطة الحكومة ستتم الموافقة عليها في يناير كانون الثاني، وكذلك ميزانية الدولة في 2019-2020، والتي من المتوقع أن تشهد مزيدا من الخفض، بحلول أبريل نيسان القادم.
وأقرت دول خليجية أخرى غنية إصلاحات مماثلة في الدعم والضرائب بعد هبوط أسعار النفط في 2014.
وقالت إليزابيث ديكينسون كبيرة محللي شؤون شبه الجزيرة العربية لدى مجموعة الأزمات الدولية إن البحرانيين مطالبون بالتكيف مع إجراءات التقشف في وقت يتباطأ فيه الدخل وتقل الفرص.
وتابعت ”تتماشى هذه الاتجاهات مع تنامي الشعور بين كثير من البحرانيين، وبصفة خاصة المجتمعات التي دعمت الحكومة في انتفاضة 2011 وما بعدها، بأن وتيرة التغيير الاقتصادي وتحسن الخدمات الاجتماعية بطيئة للغاية“.